الفرص التي ضيعها الإسلاميون في الجزائر (2)

أكبر تراجع ( وفق الأرقام الانتخابية) في تاريخ حركة مجتمع السلم إلى اليوم كان في الانتخابات التشريعية 2002 في حياة الشيخ محفوظ رحمه الله (هذه إشارة للذين يزايدون علينا بأن الحركة تراجعت بعد وفاة الشيخ محفوظ). في هذه الانتخابات برز الشيخ عبد اله جبالله الذي احتل المرتبة الثالثة بعد جبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي. تلك هي الانتخابات التي قرر عندها وبعدها الناخبون هجر صناديق الاقتراع بعد أن اتضح لهم بأن نظام الحكم لن يترك أي إسلامي يمر سواء كان "متشددا" أو "معتدلا" حيث اتضح لهم ذلك جليا بعد إلغاء انتخابات 1991، وتزوير انتخابات 1995 و1997.استفادت جبهة التحرير والتجمع الوطني الديقراطي من هذا العزوف كما استفادوا من الأصوات الخيالية التي أضافها نظام الحكم لنفخ نسبة المشاركة. في الوقت الذي تراجعت فيه حركة مجتمع السلم تقدم عبد الله جبالله وحقق حزبه حركة الإصلاح الوطني المرتبة الثالثة حيث استطاع أن يستفيد من جزء مهم من الكتلة الناخبة الإسلامية وغير الإسلامية التي صمدت وبقيت تشارك في الانتخابات. تعتبر المرتبة الثالثة في ظل مسار التزوير مرتبة أساسية تسمح بالمحافظة على فرص المشروع الإسلامي مستقبلا. لهذا السبب ابتهج الشيخ محفوظ بصعود عبد الله جبالله عندما تراجعت الحركة، دخلت عليه رحمه يوم ذاك في مكتبه حزينا أحتج عليه بطريقة دبلوماسية كيف يقع لنا هذا التراجع وتتقدم علينا حركة الإصلاح الوطني رغم الفرق الشاسع بيننا في الانتشار الهيكلي والتنظيمي، فقال لي ينبغي أن نحمد الله أن الذي احتل مكاننا حزب إسلامي فلا تحزن !
كانت تلك فرصة كبيرة ليأخذ المشعل حزب إسلامي آخر لا مؤاخذة عليه في شأن المشاركة الحكومية التي انتهجتها حركة مجتمع السلم لأسباب وفي ظروف سنتحدث عنها في الفرص التي ضيعتها هي، كان بإمكان عبد الله أن يتحول إلى زعيم وطني لا يعادله أحد وان يجر بعد تلك الانتخابات تيارا شعبيا واسعا قد لا ينفع في الانتخابات باعتبار مسارها التزويري ولكنه يساعد كثيرا في الضغط من أجل إصلاحات حقيقية توصل التيار الإسلامي إلى ما وصل إليه حزب العدالة والتنمية المغربي على الأقل، في ظروف الثورات العربية. ولكن عبد الله جبالله فوت الفرصة لأسبب تتعلق بنفسيته وطرق تسييره شؤونه التنظيمية والحزبية للأسف الشديد، ولا ينفع أن يقول بأن النظام تآمر علي مع من انشقوا عليه في مختلف المرات، إذ حتى وإن وقع ذلك حقا ماذا فعل هو ليضمن صفا داخليا محصنا؟
عبد الرزاق مقري

0 commentaires:

إرسال تعليق

Loading

تابعنا

Twitter Facebook Favorites