الفرص التي أضاعها الإسلاميون في الجزائر (1)


ملاحظة أولية: قد تكون ملاحظاتي قاسية على كل من سأتحدث عنهم من الإسلاميين، القريبين مني والبعيدن، ولكنني لن أقول إلا ما أراه صوابا عسى أن ينفع حديثي في إصلاح وضع المشروع قبل وضع الحركات والأحزاب، ووضع الأحزاب والحركات قبل وضع الأشخاص. قد تكون ردود فعل البعض سيئة، ولكن أود لو تكون الردود فكرية وسياسية حتى تتضح الحقائق وتتمحص. فمن قرأ منا شيئا يحرج ضميره فليكن مصلحا لنفسه ولغيره فالحق أحق أن يتبع، ومن قرأ شيئا خاطئا أو باطلا فليصبر ويرد بالحسنى وليعلم: (( إن الله يدافع عن الذين آمنوا))، ولنحذر النفس الأمارة بالسوء (( إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا)).وإنما يحزن العليم بخطئه المصر على انحراف نفسه، أما البريء فكعبه عاليا !
ـ الفرصة الأولى: هي سنة 1991 حينما ملكت الجبهة الإسلامية للإنقاذ الشارع فاغترت به وخاصمت القريب والبعيد، والعلماني والإسلامي، وغاب عنها مقومات الحكم الأخرى التي لم تكن تملكها، ولم تنتبه لحقائق التوازنات الدولية في تلك المرحلة فراحت تَعد بمحاكمات شعبية لرجال السلطة والجيش في التجمعات العامة واعتمدت عنفا لفظيا لا مبرر له، ورفضت دعوات التحالفات وخفض مستوى طموحاتها في تلك المرحلة والسير بالمرحلية وعدم تخويف الآخرين كما هي سيرة المصطفى والمصلحين من بعده وكما تعمل الحركات الإسلامية اليوم في الحكم، تشد وتطلق، تكر وتفر. ثم لما أُلغيت الانتخابات وحُل الحزب لم يتصرفوا كما تصرف أربكان الذي حُل حزبه وألغي فوزه ودخل السجن فصبر وواصل النضال السلمي حتى وصلت تركيا لما هي عليه، ولما انحرفت الأمور للعمل المسلح لم يتبرأ منه قادة الإنقاذ وتورط كثير من رجالها ومناضليها فيه ولم يعلموا بأن حمل السلاح كان فخا عمل العلمانيون والفاسدون وضباط فرنسا على إغراقهم فيه بل وضرب المشروع الإسلامي كله به والتحكم من خلال ذلك في السلطة من جديد. والوضع الذي عليه الإسلاميون اليوم يعود سببه إلى كثير من ذلك. وهذا التقييم يقتنع به ويؤمن به رجال كثيرون من قيادات جبهة الإنقاذ ومنهم من صرح لي بذلك بوضوح، ولا يصح لمناضلين آخرين في الفيس أوالمتعاطفين معه أن يحملوا غيرهم المسؤولية، فلا يتوقع أن يتركهم خصوم المشروع الإسلامي، بل كان عليهم أن يكونوا أذكى وأقدر على إدارة الصراع. كما لا يصح تحميل الحركة الإسلامية الأخرى المسؤولية وخصوصا حركة حماس والشيخ محفوظ نحناح رحمه الله كما يحلو لهم لتغطية الفشل، فمن حق غيرهم أن يخالفوهم وأن يقتنعوا بمنهج آخر، ثم القوة الشعبية كلها كانت في يد جبهة الإنقاذ فلما لوم الآخرين وما عسى الآخرين أن يفعلوا، لا بد أن نتذكر أنه لما طلبت حركتا النهضة وحماس من الفيس الحوار والتحالف قال عباس مدني كيف "يتحالف الفيل مع النملة". كانت جبهة الإنقاذ تملك قوة كبيرة بإمكانها أن تحقق إنجازات مرحلية مهمة جدا، ولكن للأسف أضاع التعجل كل شيء واختلت الموازين لصالح التيار العلماني وتراجع المشروع الإسلامي سياسيا واجتماعيا، ووُضع البلد تحت غطاء محاربة الإرهاب في أيادي متعطشين للسلطة وتيارات فاسدة أصبحت اليوم تستغل مؤسسات الدولة وتهدد استقرار البلد ومستقبل الأجيال.... يتبع.
عبد الرزاق مقري

37 commentaires:

تعليقك *
وادي ىالذئاب في الجزائر ع==الذئاب =علي بلحاج عباس مدني= تلاميذة السيد قطب الذي يكفر المجتمع العربي والاءسلامي ويستحل دمائه بالذنوب=)) الخوارج كلاب النار يقتلون اءهل الاءسلام ويتركون اءهل الصلبان =)) الفيس الاءرهاب في الجزائر جزء ممول من طرف السيد قطب= واليهود التلمود الذي سيطر على العالم وسفكت دما ء الجزائريين بسبب الخوارج الاءرهابيين القرظاوي عميل اليهود= بتكفير الجزائريين واءستحلال دمائهم=) واليهود مولت الخوارج الفيس جبهة التكفير وسفك الدماء= بالسلاح
=)))قال الرسول عليه الصلاة=لعنة الله على اليهود والنصارى اءتخذوا قبور اءنبيائهم مساجدا من دون الله=)))) محمد بن عبد الوهاب التميمي= من قبيلة بن تميم) قبيلة العلماء=)) الشيخ الوهاب=)) الوهاب = اءسم وصفة صفات الله عز وجل= ومن اءنكر هذا الاءسم فهو جاحد للاءسماء الله=))الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله=)تلميذ الشيخ الاءسلام اءبن تيمية رحمه الله=وتتلمذوا =على الصحابة رظي الله عنهم=))عبد الله بن العباس رضي الله عنهم= والرسول عليه الصلاة والسلام=)) وهدموا القبور التي تعبد من دون الله=))) ولم يتتلمذوا على يد الفلاسفة اليهود والرومان=)))) كما فعل=== السيد قطب والقرظاوي= والغزالي= والجهم بن صفوان==تلاميذة الفلاسفة الرومان اليهود= اءرساطيطس= سقراط= الطغاة= الذين يحرفون الاءسماء والصفاة=)) ومن طعن في دعوة =) الشيخ محمد بن عبد الوهاب=) فقد طعن=)) وكفر بدعوة االرسول عليه الصلاة والسلام=)والاءصل =فهو= مكذب للقراءن والسنة والنبوية==وكافر بالله عز وجل=))

سيد قطب هو الأب الروحي للتنظيمات الإرهابية !!
Posted By: adminIn: عن الأستاذ سيد قطبNo Comments
عدد المشاهدات :12090
سيد قطب هو الأب الروحي للتنظيمات الإرهابية !!
إن سيد قطب هو الأب الروحي للجماعات الإرهابية فى هذا الزمان , وهذا ليس افتراءً عليه ولا عليهم ، وإنما هو بإعترافاتهم , بما أصله سيد قطب فى كتبه من فكر تكفيري للمجتمعات وإستلاح دماء المسلمين بحجة أنهم لم يدخلوا الإسلام وإن رفعوا الأذان على المآذن !!!!!!!!

وهذا جانب من كلمات القوم !!

قال أيمن الظواهري في صحيفة الشرق الأوسط، عدد 8407- في 19/9/1422هـ:
إن سيد قطب هو الذي وضع دستور “الجهاديين !!” في كتابه الديناميت!! : (معالم في الطريق)، وإن سيد هو مصدر الإحياء الأصولي!!، وإن كتابه العدالة الاجتماع

ية في الإسلام، يعد أهم إنتاج عقلي وفكري للتيارات الأصولية!، وإن فكره كان شرارة البدء في إشعال الثورة الإسلامية ضد أعداء الإسلام في الداخل والخارج، والتي ما زالت فصولها الدامية تتجدد يوماً بعد يوم). انتهى
قال عبدالله عزام في كتابه “عشرون عاما على استشهاد سيد قطب “:
((والذين يتابعون تغير المجتمعات وطبيعة التفكير لدى الجيل المسلم يدركون أكثر من غيرهم البصمات الواضحة التي تركتها كتابة سيد قطب وقلمه المبارك في تفكيرهم.
ولقد كان لاستشهاد سيد قطب أثر في إيقاظ العالم الإسلامي أكثر من حياته ، ففي السنة التي استشهد فيها طبع الظلال سبع طبعات بينما لم تتم الطبعة الثانية أثناء حياته ، ولقد صدق عندما قال: ( إن كلماتنا ستبقى عرائس من الشموع حتى إذا متنا من أجلها انتفضت حية وعاشت بين الأحياء).
ولقد مضى سيد قطب إلى ربه رافع الرأس ناصع الجبين عالي الهامة ،وترك التراث الضخم من الفكر الإسلامي الذي تحيا به الأجيال ، بعد أن وضح معان غابت عن الأذهان طويلا ، وضح معاني ومصطلحات الطاغوت ، الجاهلية ، الحاكمية ، العبودية ،الألوهية ، ووضح بوقفته المشرفة معاني البراء والولاء ، والتوحيد والتوكل على الله والخشية منه والالتجاء إليه.
والذين دخلوا أفغانستان يدركون الأثر العميق لأفكار سيد في الجهاد الإسلامي وفي الجيل كله فوق الأرض كلها)) . انتهى

يقول الدكتور القرضاوي في كتابه (أولويات الحركة الإسلامية صـ 110) : في هذه المرحلة ظهرت كتب الشهيد (سيد قطب ) التي تمثل المرحلة الأخيرة من تفكيره ، والتي تنضح بتكفير المجتمع ، وتأجيل الدعوة إلى النظام الإسلامي ، والسخرية بفكرة تجديد الفقه ، وتطويره ، وإحياء الاجتهاد ، وتدعو إلى العزلة الشعورية عن المجتمع وقطع العلاقة مع الآخرين وإعلان الجهاد الهجومي على الناس كافةَّ ..) 0 اهـ .
قلت :
قال( سيد قطب) في كتابه [الظلال – 2/1057] : لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بـ : لا إله إلا الله ، فقد ارتدّت البشرية إلى عبادة العباد ، وجور الأديان ، ونكصت عن لا إله إلا الله ، وإن ظلّ فريق منها يرددون على المآذن لا إله إلا الله .اهـ
و قال سيد ـ عفا الله عنه ـ في كتابه (معالم في الطريق صـ 21):
نحن اليوم في جاهلية كالجاهلية التي عاصرها الإسلام ، أو أظلم …!!
وقال في : (صـ 98 ) : إن المجتمع الجاهلي هو كل مجتمع غير المجتمع المسلم … بهذا التعريف الموضوعي تدخل في إطار المجتمع الجاهلي جميع المجتمعات القائمة اليوم في الأرض فعلاً ، تدخل فيه المجتمعات الشيوعية … ، وتدخل فيه المجتمعات الوثنية … ، وتدخل فيه المجتمعات اليهودية والنصرانية … ، وأخيرا يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات التي تزعم لنفسها أنها مسلمة !!
وقال في ( صـ173) : والمسألة في حقيقتها كفر وإيمان … إن الناس ليسوا مسلمين كما يدعون وهم يحيون حياة الجاهلية … والدعوة اليوم إنما تقوم لترد هؤلاء الجاهلين إلى الإسلام ، ولتجعل منهم مسلمين من جديد !! . اهـ


ولكن الحق يُقال أن (سيد قطب) لم يقصد بتكفيره أهل الإسلام مساواتهم بالوثنين عباد الأصنام ، حاشا لله ، ولكنه جعلهم بمنزلة أهل الكتاب .
يقول علي العشماوي في كتابه [التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين صـ80] :
جاءني أحد الإخوان وقال لي إنه سوف يرفض أكل ذبيحة المسلمين الموجودة حالياً ، فذهبت إلى (سيد قطب) وسألته عن ذلك ، فقال : دعهم يأكلوها ويعتبرونها ذبيحة أهل الكتاب ، فعلي الأقل المسلمون اليوم هم أهل كتاب !!0 و ياليت علي العشماوي : أتبع وصية شيخه ، ولكنه قال في [ صـ 94 ] من كتابه التاريخ السري :
من أراد أن يلحق بنا فهو مسلم ، ومن وقف ضدنا فقد حكم على نفسه بالكفر !! وأنتهي الأمر بسيد قطب بأن جعل مساجد المسلمين معابد جاهلية فقد قال في تفسير قوله تعالى : { واجعلوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } [ يونس : 87 ] .
بعد أن قرر فيما سبق دخول مسلمي العصر في إطار المجتمع الجاهلي : ( وهنا يرشدهم الله إلى اعتزال معابد الجاهلية [مساجدها] ، واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد تحس فيها بالانعزال عن المجتمع الجاهلي ).( في ظلال القرآن – 3/1816- دار الشروق أخر طبعة قبل موت سيد) .
قلت :
ومعلوم من تبنى هذا الفكر بعدُ ، وأصبح لا يصلي في مساجد المسلمين ولا يشهد جماعتهم لأنها مساجد ضرار وأهلها كفار ، وتبني العزلة الشعورية فاعتزل المجتمع بعد تكفيره وهاجر في الجبال . ولا حول ولا قوة إلا بالله .

ثانياً : سيد قطب والقرآن :


ذهب سيد قطب إلى أن القرآن الكريم من صنع الله !!!!! ، ومعلوم حساسية أهل السنة في استخدام المصطلحات ، وخاصة المتعلقة بصفات الله – سبحانه – فالقرآن كلام الله كما قال عز وجل :{ وَإِنْ أَحَدٌ مّنَ المشركين استجارك فَأَجِرْهُ حتى يَسْمَعَ كَلاَمَ الله } [ التوبة : 6 ] ، و ما كانت محنة الإمام أحمد إلا من أجل هذه القضية.
ولكن سيد قطب – عفا الله عنه – قال : ولكنهم لا يملكون أن يؤلفوا من هذه [الحروف ] مثل هذا الكتاب ، لأنه من صنع الله لا من صنع الناس ) . [ في ظلال القرآن 5/2719- دار الشروق ] .
وقال : وهذا الحرف { ص } من صنعة الله تعالى ، فهو موجود صوتاً ، وموجود حرفاً من حروف الهجاء .[ في ظلال القرآن 5/3006- دار الشروق ]


وكان من الممكن أن يُقال أن سيداً – عفا الله عنه – اخطأ في التعبير ، ولا يقال : أن هذا يدخل تحت القول بخلق القرآن لأنه على عقيدة السلف في الأسماء والصفات ، ولكن مع الأسف الشديد أنه كان مقرراً لعقيدة الخلف من نفي صفات الرب سبحانه ، فقد قال في تفسير قوله تعالى : { ثُمَّ استوى عَلَى العرش } ، : (العرش) ، نؤمن به كما ذكره ، ولا نعلم حقيقته ، أما الاستواء على العرش فنملك أن نقول : إنه كناية عن الهيمنة على الخلق ، استناداً إلى ما نعلم من القرآن عن يقين من أن الله سبحانه لا تتغير عليه الأحوال ، فلا يكون في حالة عدم استواء على العرش ، ثم تتبعها حالة استواء ، والقول بأننا نؤمن بِه [ بالاستواء ] ولا ندرك كيفيته [ وهو قول أهل السنة والجماعة ] لا يفسر قوله تعالى:{ ثُمَّ استوى عَلَى العرش }. (في ظلال القرآن -6/3480).

و معلوم فساد هذا القول ، و أنه قول الفرقة السبعية ( الاشاعرة ) ، وسيأتي قريباً رد العلامة الألباني والشيخ العثميين – رحمهما الله – على هذا الكلام ، وهل هو قول بخلق القرآن ونفي الصفات أم لا ؟!! .
أما الطامة الكبرى هو وصف الاستاذ سيد قطب ـ القرآن الكريم ـ أنه مشاهد مسرحية وسينمائية وأن له خصائص الشعر فمبناه على القوافي . فضلاً على انفراد القرآن بموسيقاه الخاصة .
قال – عفا الله عنه – : والتصوير بالألوان يلاحظ هذا التناسق [بين اللون الذي ترسم به ، والتدرج في الظلال ] مع الفكرة والموضوع ، كما يلاحظ التوزيع في المشاهد المسرحية والسينمائية ، والتصوير في القرآن يقوم على أساسه ، خذ مثلاً سورة من السور الصغيرة التي ربما يحسب البعض أنها شبيهة بسجع الكهان أو حكمة السجاع ، خذ مثلاً سورة الفلق فما الجو الذي يراد إطلاقه فيها ؟ جوّ التعويذة بما فيه من خفاء وهيمنة ، وغموض وإبهام . [التصوير الفني في القرآن- صـ 115- ط دار الشروق عام 2000م ].
وقال وهو يضرب مثلاً لما أخذه القرآن من الشعر :[القفيه ، والإيقاع ، والوزن ]، يقول الله تعالى : { أَفَرَءيْتُمُ اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى } [ النجم : 19 ، 20 ] ، قال : ( فلو أنك قلت : ومناة الثالثة ؟ لاختلت القافية ، ولتأثر الإيقاع ، ولو قلت : ومناة الأخرى ؟ فالوزن يختل .. ، ويقول الله تعالى : { قال رَبّ إِنّى وَهَنَ العظم مِنّي } [ مريم : 4 ] ولو قلت : قال رب إني وهن مني العظم ، لأحسست بما يشبه الكسر في وزن الشعر !! ، ذلك أن (مني) تتوازن مع (إني) هكذا : { قال رب إني … وهن العظم مني } [المصدر السابق – صـ104،106].
ووصف سورة الفجر عامة بقوله : إنها تؤلف ألواناً متنوعة ، تؤلف من تفرقها وتناسقها لحناً واحداً فتعدد النغمات موحد الإيقاع [في ظلال القرآن 6/3901].
ووصف سورة الضحى : بالموسيقى الرتيبة الحركات ، الوئيدة الخطا ، الرقيقة الأصداء ، الشجية الإيقاع . [التصوير الفني في القرآن –صـ125]

وقال عن سورة الليل : بأن الموسيقا المصاحبة فيها أخشن وأعلى من موسيقا الضحى . [ المصدر السابق – صـ 128].
ووصف آيات من سورة الفجر : بالموسيقا الرخية المُتماوجة ، ووصف آيات أخرى منها : بالعرض العسكري الذي تشترك فيه جهنم بموسيقاها العسكرية المنتظمة الدقات [المصدر السابق – صـ97، ووصفها في الظلال -6/3906]. : بالموسيقا الحادة التقاسيم… !!
وقال أن سورة النازعات تميزت بنوعين من الموسيقا : السريعة الحركة ، قصيرة الموجة ، قوية المبنى ، تنسجم مع جو مكهرب سريع النبض ، شديد الارتجاف و الوانية الحركة ، الرخية الموجة ، المتوسطة الطول ، تنسجم مع الجو القصصي . [المصدر السابق – صـ111] .
واستنبط ( موسيقى الطوفان ) من قوله تعالى : { وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ } [السابق صـ113]
ووصف القرآن عامة بقوله : القرآن يرسم صوراً ، ويعرض مشاهد يتوافر لها أدق مظاهر التناسق الفني في ماء الصورة ، وجو المشهد ، وتقسيم الأجزاء وتوزيعها في الرقعة الموضوعة . [التصوير الفني في القرآن – صـ114 ] .
قلت :
كنا نتمنى أن نتأول لسيد قطب – عفا الله عنه – ونقول هو لم يقصد (الرسم والموسيقا ) المعروفان عند أهل الفن والمجون ، ونقول : أنما هي كلمات خرجت من أديب لا يقصد معناها الحقيقي ، ولكنه سد علينا الطريق بقوله : أنه استعان بالأستاذ الفنان (ضياء الدين محمد). مفتش الرسم – بوزارة المعارف – بمراجعة القسم الخاص بتناسق الصور . [ المصدر السابق – صـ 114 ].
وقال : أنه تفضيل الموسيقي المُبدع الأستاذ ( محمد حسن الشُجاعي ) . مدير دار الأوبرا المصرية سابقاً – بمراجعة هذا الجزء الخاص بالموسيقا في القرآن الكريم ، وكان له الفضل في ضبط بعض المصطلحات الفنية الموسيقية – راجع فصل الموسيقا في القرآن من كتابه . [التصوير الفني في القرآن – صـ 106] .

قلت : ولا ندرى هنا ؛ جواز استخدام الموسيقا الغربية في تفسير القرآن ، أم الاقتصار على الموسيقى العربية الأصلية إذ أن العربية هي لغة القرآن ؟!! .
ثالثا: سيد قطب والأنبياء :
قال الله تعالى : { آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } [ البقرة :285 ] .
قال الأستاذ سيد قطب- عفا الله عنه – عن موسى – عليه السلام – عند ذكر قول الله تعالى }:فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا {- قال : وينسيه التعصب والاندفاع استغفاره وندمه .[التصوير الفني في القرآن – صـ201]

وقال في [ صـ200]: لنأخذ موسى ، إنه نموذج للزعيم المندفع العصبي المزاج . وقال في[ صـ201-202 ]: ثم لندعه فترة أخرى لنرى ماذا يصنع الزمن في أعصابه ، ولكن ها هو ذا يسأل ربه سؤالا عجيباً : } قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ {
وقال : فلندعه هنا لنلتقي به في فترة من حياته بعد عشر سنوات فلعله قد هدأ وصار رجلاً هادئ الطبع ، حليم النفس ، كلا …إنه الفتى العصبي نفسه …!! (صـ201) .
ثم قال في (صـ203) على قول الله تعالى : { إِنَّ إِبْرَاهِيمَلَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ } سورة هود 75
تقابل شخصية موسى شخصية إبراهيم ؟ إنه نموذج الهدوء والتسامح والحكمة . قلت : وأين العمل بالآية : :{ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ } و مثل هذا يُقال على نبي قال الله فيه يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي { ،وقال فيه :{ وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي} ، وقال :{ وِلتُصنَع على عيني } ، وقال { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا } .
هذا ، ولم يسلم ( داود وسليمان وإبراهيم وعيسى ) – عليهم السلام – من جرأة سيد قطب حتى أنه أساء الأدب جداً ، وذكر ألفاظاً مُستشنعة ، أعرضنا عنها لعظيم حُرمه المُتكلم فيهم . نسأل الله السترِ في الدنيا والآخرة .

رابعاً: سيد قطب وأصحاب الرسول – صلى الله عليه وسلم ـ :

يقول سيد في كتابه [ العدالة الاجتماعية ] (صـ159 ) وما بعدها : لقد أدركت الخلافة عثمان وهو شيخ كبير ومن ورائه مروان بن الحكم يُصرف الأمر بكثير من الانحراف عن الإسلام … وقال : منح عثمان من بيت المال زوج ابنته ـ الحارث بن الحكم ـ يوم عرسه مائتي ألف درهم فلما أصبح الصباح جاءه ـ زيد بن أرقم ـ خازن مال المسلمين ، وقد بدا في وجهه الحزن ..فسأله أن يعفيه من عمله ولما علم منه السبب وعرف أن عطيته من مال المسلمين .. فرد الرجل الذي يستشعر روح الإسلام المرهف .. لا يا أمير المؤمنين ولكن أبكي لأني أظنك أخذت من المال عوضاً عما كنت أنفقته في سبيل الله في حياة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – . فغضب عثمان – رضي الله عنه – على الرجل الذي لا يطيق ضميره هذه التوسعة من مال المسلمين على أقارب خليفة المسلمين .

وقال في [ صـ168 – دار الشروق -1415] . فأما في حياة النبي – صلى الله عليه وسلم – وصاحبيه وخلافة علي بن أبى طالب ، فكانت النظرة السائدة هي النظرة الإسلامية … وأما حين انحراف هذا التصور قليلاً في عهد عثمان !! ، فقد بقيت للناس حقوقهم ، وفهم الخليفة أنه في حِلًّ – وقد اتسع المال عن المقررات للناس – أن يطلق فيه يده يبرَّ أهلَه .. وقال في [ صـ: 161 ]: و اعتذارنا لعثمان – رضي الله عنه – أن الخلافة قد جاءت إليه متأخرة …وهو يدلف إلى الثمانين يلعب به مروان ، فصار سيقه له يسوقه حيث شاء بعد كبر السن وصحبته لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ . و قال في [ صـ : 162 ] : وسار علي – رضي الله عنه – في طريقة يرد للحكم صورته كما صاغها النبي – صلي الله عليه وسلم – والخلفيتان من بعده .
وقال في كتابه السابق [صـ172]: ونحن نميل إلى اعتبار خلافة علي- رضي الله عنه- امتداداً طبيعياً لخلافة الشيخين قبله ، وأن عهد عثمان كان فجوة بينهما .
ثم يُمجد سيد قطب الثورة التي رتب لها اليهود وقال أنها تحمل روح الإسلام – فسلم منه أحفاد القردة والخنازير ولم يسلم منه الرجل الذي تستحي منه الملائكة .
فقال في [صـ161]: لابد لمن ينظر إلى الأمور بعين الإسلام ، ويستشعر روح الإسلام أن يقررّ أن تلك الثورة في عمومها كانت فورة من الإسلام ، وذلك دون إغفال لما كان وراءها من كيد اليهودي ابن سبأ- عليه لعنة الله 0
سبحان الله ، فالخوارج كلاب أهل النار ، قتلة عثمان ، عند سيد قطب هم الذين يحملون روح الإسلام !!

وقد قال في معاوية وعمرو بن العاص – رضي الله عنهما – في كتابه ( كتب وشخصيات صـ242 ): ( إن معاوية وعمراً لم يغلبا علياً لأنهما أعرف منه بدخائل النفوس ، وأخبر منه بالتصرف النافع في الظرف المناسب ، ولكن لأنهما طليقان في استخدام كل سلاح ، وهو ( يعني علياً ) مقيد بأخلاقه في اختيار وسائل الصراع ، وحين يركن معاوية وزميله إلى الكذب ، والغش ، والخديعة ، والنفاق ، والرشوة ، وشراء الذمم ، لا يملك علي أن يتدلى إلى هذا الدرك الأسفل فلا عجب أن ينجحا ويفشل ، وانه لفشلٌ اشرف من كل نجاح )
وقال :… ذلك أبو معاوية ، فأمه أمه هند بنت عقبة ، فهي تلك التي وقفت يوم أحد تلغ في الدم إذ تنهش كبد حمزة كاللبؤة المتوحشة !! ، لا يشفع لها في هذه الفعلة الشنيعة حق الثأر على حمزة ، فقد كان قد مات ، وهي التي وقفت بعد إسلام زوجها كرها بعد إذ تقررت غلبة الإسلام تصيح : اقتلوا الخبيث الدنس الذي لا خير فيه ، قبح من طليعة قوم ، هلا قاتلتم ودفعتم عن أنفسكم وبلادكم ؟
وقال : فلئن كان إيمان عثمان وورعه ورقته كانت تقف حاجزاً أمام أميه ، لقد أنهار هذا الحاجز ، وانساح هذا السد ، وارتدت أميه طليقة حرة إلى وارثاتها في الجاهلية والإسلام ، وجاء معاوية تعاونه العصبة التي على شاكلته، وعلى رأسها عمرو بن العاص ، قوم تجمعهم المطامع والمأرب ، وتدفعهم المطامع والرغائب ، ولا يمسكم خلق ولا دين ولا ضمير .
[ نقلا من مجلة المسلمون العدد الثالث 3 سنة 1371هـ – من رد الشيخ محمود شاكر ( رحمه الله)].
قلت : ولعل القارئ ألان يعلم معنى كلمة الأستاذ : محمد مهدي عاكف – المرشد العام السابق لجماعة الأخوان – نحن منذ فترة طويلة – وليس الآن – نتعاون مع الشيعة فيما اتفقنا عليه ، ويعذر بعضنا بعضاً فيما تختلف فيه .
رسالة الأخوان العدد (478) الصادر في 29 شعبان 1427هـ .
وقد سبقه المرشد الأسبق ـ محمد حامد أبو النصرـ حين قال : إن أي حديث عن الشيعة ، يعنى إثارة الفتنة ، ومنهجنا عدم الخوض في هذا الأمر !!

وكان حسبنا في هذا المقام أن نذكر حديث الرسول – صلى الله عليه وسلم – : لا تسبوا أصحابي ، لا تسبوا أصحابي ،
فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم أو نصيفه . متفق على صحته .
ولكنى أحببت أن أذكر بقول أبى زرعة الرازي – رحمه الله – إذا رأيت الرجل ينقص أحداً من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فاعلم أنه زنديق ، وذلك أن القرآن حق ، والرسول حق ، وما جاء به حق، وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة . [ فتح المغيث (4/94)] 0
قلت : وقد ضاق الصدر ، وانشغل الفكر، بعد المرور بهذا الغثاء ، ولم يتبقى عندي همة لبيان ما المقصود بـ (ميرابو الثورة ) فلعلنا نبينها فيما بعد.

هدم حسن البنا لمفهوم عقيدة الولاء والبراء مع اليهود و النصارى
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم , فقد أخذنا على أنفسنا العهد فى بداية العمل بموقع ” حقيقة الإخوان المسلمين ” بألا نتكلم إلا بدليل وألا نصف الإخوان بشيء لم يتصفوا به ولم ينسبوه لأنفسهم , بل نتحرى دائماً أن نوضح حقيقتهم من خلال أقوالهم وأفعالهم الثابتة عليهم إما فى كتابٍ كتبوه هم أو مقالة أو مثبت عليهم صوتياً أو مرئياً , وإن كانت بيننا وبينهم خلافات عقدية ومنهجية إلا أننا تعلمنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتق الله فى الكفار المشركين فكيف بالمسلمين وإن كانوا مخالفين ؟!


يقول حسن البنا ( فأقرر إن خصومتنا لليهود ليست دينية لأن القرآن الكريم حض على مصافاتهم ومصادقتهم، والإسلام شريعة إنسانية قبل أن يكون شريعة قومية وقد أثنى عليهم وجعل بيننا وبينهم اتفاقاً {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلى بالتي هي أحسن } وحينما أردا القرآن أن يتناول مسألة اليهود تناولها من الوجهة الاقتصادية فقال تعالى {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم) كتاب ((الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ))(1/409)، وعباس السيسي في كتاب ((حسن البنا مواقف في الدعوة والتربية)) (ص 488).

وقال حسن البنا أيضاً : (( إن الإسلام الحنيف لا يخاصم ديناً ولا يهضم عقيدة ، ولا يظلم غير المؤمنين به مثقال ذرة )) ، كتاب مواقف في الدعوة والتربية : ص 163

و جعل حسن البنا النصارى إخواناً له فقد قال :

مما هو معلوم عند جماعة الإخوان المسلمين أنهم يدعون ويتصدرون الدعوة إلى الحكم بالقرآن الكريم ، وهذا القضية ولا شك تثير بعض الخوف والشكوك عند إخوانناالمسيحيين ا.هـ. راجع كتاب ” حسن البنا مواقف في الدعوة والتربية ” لعباس السيسي ص120 .

حسن البنا يقول بأن الكنائس هي بيوت الله !!! و في كلامه تصحيح أديان النصرانية و اليهودية و الدعوة لوحدة الأديان :
يقول حسن البنا في كتابه ( السلام في الإسلام ) ص 6

(( تقرير وحدة الدين :

وقرر الإسلام وحدة الدين في أصوله العامة , وأن شريعة الله تبارك وتعالى للناس تقوم على قواعد ثابتة من الإيمان والعمل الصالح والإخا ء , وأن الأنبياء جميعا مبلغون عن الله تبارك وتعالى , و أن الكتب السماوية جميعا من وحيه , و أن المؤمنين جميعا في أية أمة كانوا هم عباده الصا دقون الفائزون في الدنيا وا لآخرة , وأن الفرقة في الدين والخصومة باسمه إثم يتنافى مع أصوله وقواعده , وأن واجب البشرية جميعا أن تتدين وأن تتوحد بالدين ،…….. وسلك الإسلام إلى هذه الوحدة مسلكا عجيبا , فالمسلم يجب عليه أن يؤمن بكل نبي سبق و يصدق بكل كتاب نزل , ويحترم كل شريعة مضت , ويثنى بالخير على كل أمة من المؤمنين خلت . )

التعليق على الكلام السابق لحسن البنا :

من يقرأ كلام حسن البنا السابق يحمله على أحد وجهين متناقضين :

الاحتمال الأول : أن حسن البنا يعتقد ما أجمع عليه المسلمون من كفر اليهود و النصارى و أن دينهم و كتبهم قد نالها التحريف و أن دين الإسلام قد نسخ كل تلك الأديان المحرفة

الاحتمال الثاني : أن حسن البنا لا يعتقد ما أجمع عليه المسلمون من كفر اليهود و النصارى و أن دينهم و كتبهم قد نالها التحريف و أن دين الإسلام قد نسخ كل تلك الأديان المحرفة

و لكن جاء في موضع آخر من نفس الكتاب كلام لحسن البنا يؤكد الاحتمال الثاني فقد قال حسن البنا في نفس الكتاب ( السلام في الإسلام ) ص 6

(وبهذا التقرير قضى الإسلام تماما على التعصب للأجناس أو الألوان في الوقت الذي لا تزال فيه الأمم المتحضرة من أوربا وأمريكا تقيم كل وزن لذلك , وتخصص أماكن يغشاها البيض ويحرم منها السود حتى في معابد الله ، وتضع القوائم الطويلة للتفريق بين الأجناس ا لآرية والسامية ، وتدعي كل أمة أن جنسها فوق الجميع. )

في هذا المقطع يعلنها حسن البنا صريحة و هي أن ( كنائس النصارى هي معابد لله ) !!

فحسن يعتقد أن كنائس النصارى و هي التي يتم فيها الشرك بالله و الكفر بالله و القول بالعقائد الكفرية الشركية كالتثليث و الصلب و تأليه المسيح و أمه و …….

فيعتقد البنا أن ( الكنائس هي معابد الله ) و في هذا القول تأكيد للاحتمال الثاني في كلامه الداعي لوحدة الأديان من أنه لا يؤمن بما أجمع عليه المسلمون من كفر الكفار و اعتقاد بطلان و تحريف أديانهم

و قول حسن البنا السابق هو كفر بواح باتفاق أهل الإسلام قاطبة و نحن لا نحكم عليه بالكفر تورعاً و نحيل أمره لكبار العلماء حتى يحكموا في أمره …….

و العجب كل العجب من أناس مغفلين ما زالوا يعتبرون أهل الضلال أمثال حسن البنا من قادة الحركة الإسلامية المعاصرة لمجرد أن حسن البنا رفع بعض الشعارات الإسلامية ليخدع بها المسلمين المغفلين و ليجمعهم حوله كما يجمع الأغنام ….

ثم هؤلاء المسلمون المغفلون يتركون – بل يسبون و يتطاولون كما ربتهم جماعة الإخوان على – كبار العلماء و مصابيح الدجى و دعاة التوحيد و السنة كأمثال الأئمة الألباني و ابن عثيمين و ابن باز و الفوزان و الوادعي و ………

ليتبعوا أئمة الضلال من جماعة الإخوان الضالة ؛ ثم يريدون بعد كل ذلك خلافة و دولة إسلامية بعد ركام الضلالات و الكفر التي يدعوا إليها أئمتهم الضالون كالبنا و أضرابه و أنى لهم ذلك إلا في أحلامهم !!!!

و لا حول و لا قوة إلا بالله

الرد على حسن البنا و جماعة الإخوان :
هناك عقيدة تسمى الولاء للمؤمنين و البراءة من الكافرين و ليس معنى هذا الاعتداء و الظلم على غير المسلمين بل :

العدل مع غير المسلمين من اليهود والنصارى و عدم ظلمهم و عدم الاعتداء عليهم بأي صورة من الصور
مع البغض القلبي لما هم عليه من الكفر و التكذيب لدين الله تعالى و الاعتقاد الصريح بكفر اليهود و النصارى و البراءة مما هم عليه من كفر و تكذيب للدين الحق الإسلام و عدم موالاتهم و عدم مؤاخاتهم
و مع ذلك يجب حُسن معاملتهم و برهم على سبيل دعوتهم للدين الحق دين الإسلام و عدم تنفيرهم منه
فأين حسن البنا من هذه العقيدة ؟!

قال تعالى (قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4) سورة الممتحنة

و أين هذا مما قص الله عنهم في سورة البقرة وفي سورة المائدة وغيرهما من السور؟ أين قول البنا أقرر أن خصومتنا لليهود ليست دينية من قوله تعالى {من كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين} أنزل الله ذلك حين قالوا للنبي e من يأتيك بالوحي من الملائكة قال: جبريل، قالوا ذاك عدونا من الملائكة، لو كان الذي يأتيك بالوحي ميكائيل لتابعناك.

فأنزل الله هذه الآيات، فكيف يقول حسن البنا إن خصومتنا مع اليهود ليست دينية ؟!! سبحان الله ؛ إن هذا لعجب أي عجب أن يقرر الله عداوة اليهود له ولملائكته ورسله وجبريل وميكال ثم يقرر عداوته لهم حين قرروا هم عداوتهم لأوليائهم.. ثم يأتي رجل يزعم بأنه يدعوا إلى الله ويقرر حتى عدم الخصومة مع اليهود في الدين مع أن الخصومة أدق من العداوة فقد يتخاصم الإخوة، فنفي الخصومة يستلزم نفي العداوة وما هو دونها. إن هذا لأمر غريب عجيب، وموقف سيئ مريب فإنا لله وإنا إليه راجعون .

من كتاب : (البراهين العديدة في بيان أن خلافنا مع قادة الإخوان المسلمين خلاف في العقيدة)

نشأ سيد قطب في أسرة لا تخلو من بعض البدع فكان أبوه يقرأ سورة الفاتحة كل ليلة بعد طعام العشاء ويهديها لروح أبيه وروح أمه، بحضرة أولاده (1) .
ومن العادات التي نشأ عليها التزام والده بإقامة حفلات ختم القرآن التي كان يقيمها في المنزل لا سيما في شهر رمضان (2).
كما كانت قريته تسمى بلدة (الشيخ عبد الفتاح) لأنه أحد أوليائها!! وله فيها مقام بارز!!. هكذا يحكى الخبر دون إنكار موجود لا من سيد ولا من الخالدي (3) .

(الصبي يحفظ القرآن تحدياً)


حفظ سيد القرآن وهو صبي من باب التحدي وذلك أن مدرس القرآن فصل من عمله فأشاع أن الدولة تحارب القرآن وطالب أهل القرية سحب أولادهم من المدرسة وتحويلهم إليه في كُتّابه، فوافق بعض أولياء الأمور ومنهم والد سيد، ودرس سيد اليوم الأول فلم يعجبه الكُتّاب ورجع إلى المدرسة، وصار يحفظ في كل سنة عشرة أجزاء في منزله حتى يثبت أن المدرسة لا تحارب القرآن، وليت سيد واصل دراسة القرآن دراسة شرعية والانتفاع به ولكن للأسف لم يفعل ذلك.
(ثقافة صوفية خرافية منذ الصبا)


كان سيد مولعاً بالقراءة واقتناء الكتب منذ صباه، فجمع خمسة وعشرين كتاباً كان مولعاً بها إلى درجة العشق ومن هذه الكتب (البردة، سيرة إبراهيم الدسوقي، السيد البدوي،
عبد القادر الجيلاني، دلائل الخيرات، دعاء نصف شعبان) (4). وكلها من كتب البدع والتصوف والخرافات والقبورية والغلو كما هو معلوم.

(ثم صار الصبي مشعوذاً)


ومن المؤسف أنه كان في مكتبة والده المنزلية كتابان غريبان يتعلقان بالشعوذة والسحر وهما كتاب (أبي معشر الفلكي) وكتاب السحر (شمهورش) ويستخدمان في قراءة الطالع وسحر الصرف والعطف.
وقد تعلم سيد قطب هذه الشعوذة في صغره، وصار يمارسها في قريته، فكان المشعوذ المفضل فيها لعموم النساء والفتيات والشبان لصغر سنه، ولكونه يقوم بتلك الأعمال بلا أجرة.
وقد سجل ذلك عن نفسه هو في كتابه (طفل من القرية) (5).

(تائه يقترب من الإلحاد)


لما انتقل من القرية إلى القاهرة في المرحلة الثانوية بدأ مرحلة الشك، وعدم اليقين، والتخلي عن الدين ،والانشغال بعضوية حزب الوفد مدة طويلة (6) ، واستمر معه هذا التيه والضياع حتى بلغ الأربعين (7).
خلال هذه المدة الطويلة اشتغل بالأدب والنقد، وكان نقده يمتاز بالقوة، والهجوم، والهمز واللمز، والسخرية المقذعة والهجاء (8).

سلك بعد ذلك طريقاً جديداً درس فيه القرآن من ناحية بيانية أدبيه، ثم أخذ يكتب المقالات التي ينتقد فيها أوضاع المجتمع، ثم شارك في الثورة ضد الأسرة المالكة في مصر حتى تم القضاء على ملكها، ثم التحق بالإخوان المسلمين، ثم اختط لنفسه منهجاً جديداً لكنه تحت إطار حركة الإخوان المسلمين، ونشر اتجاهه عبر خلايا سرية، اكتشفت فيما بعد، وحوكم وقتل على إثرها.

ماذا يستفاد من مجمل سيرته الذاتية؟


ليس في سيرته ما يشير من قريب ولا بعيد أنه درس علوم الإسلام من توحيد ولا حديث ولا تفسير ولا فقه ولا أصول فقه ولا غير ذلك على أحد من علماء المسلمين المعتبرين، وإنما غاية أمره اطلاعات ذاتية الله أعلم بحقيقة مصادره فيها، بل كان فيها كتب السحر والشعوذة والتصوف والقبورية والخرافة، والذي يظهر إلى ذلك أيضاً أنه كان يقرأ للشيعة والخوارج والمعتزلة و أضرابهم، وأنه كان بعيداً غاية البعد عن كتب أهل السنة والأثر لا يلتفت إليها ولا يرفع بها رأساً، ولهذا جاءت تقريراته في غاية البطلان والانحراف عن حقيقة الإسلام سواء في أصول الدين أو فروعه؛ وعلى هذا فمن الغش الكبير للمسلمين أن يُجعلَ منه إماماً يقتدون بهديه، ويستنون بسنته. إنّ من لم يجعل المتقين _ وعلى رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم ثم أصحابه وأئمة التابعين لهم بإحسان _ من لم يجعلهم أئمة له لا يصلح أبداً أن يكون إماماً للمتقين من بعده، لأن الدين مبني على الاتباع وليس على الاختراع، وبهذا يحفظ الدين خالصاً نقياً من كل شائبة والله أعلم.

الثورة على عثمان بن عفان – رضي الله عنه – بين قول النبي صلى الله عليه وسلم و قول سيد قطب

عن عائشة – رضي الله عنها – قال النبي صلى الله عليه وسلم : « يا عثمان إن الله عز وجل مقمصك قميصا، فإن أرادك المنافقون على أن تخلعه، فلا تخلعه لهم، ولا كرامة » يقولها: له مرتين أو ثلاثا .
رواه أحمد والحاكم

قال سيد قطب :
(( وأخيرًا ثارت الثائرة على عثمان ، واختلط فيها الحقُّ بالباطل ، والخير بالشر ، ولكن لا بدّ لمن ينظر إلى الأمور بعين الإسلام ويستشعر الأمور بروح الإسلام أن يقرّر أن تلك الثورة في عمومها كانت أقربَ إلى
روح الإسلام واتجاهه من موقف عثمان ، أو بالأدق من موقف مروان ومِن ورائه
بنو أمية))
العدالة الاجتماعية ص ١٨٩

تحذير النبي – صلى الله عليه وسلم – من الفتن
حذرنا النبي – صلى الله عليه وسلم – من الفتن ، وبين أنها في آخر الزمان تكاد تغشى كل طائفة ، وكل منزل ، والمحفوظ مَن حَفظه الله ، من تمسك بكتاب الله – جل وعلا – وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – نجا ، ومن تتبع دعاية السوء ، ودعوات الباطل ، واغتر بما يثيره أهل الشغب ، أو يدعو إليه طالبوا الجاه والنفوذ ، أوشك أن تحصده الفتن ، والله – جل وعلا – أمرنا بالاعتصام بحبله ، فقال ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ﴾ [سورة آل عمران : الآية 103] .
والأمة في أمس الحاجة لمعرفة هذه القواعد التي بينها لنا نبينا – صلى الله عليه وسلم – لا سيما في زمننا هذا الذي كثرت فيه الفتن ، وكثر الدعاة إلى أفكار معارضة لما جاء عن الله – تعالى – وعن رسوله – صلى الله عليه وسلم – فكان نتاج هذه الدعوات استباحة الدماء ، وتدمير الأموال ، وإشاعة الخوف والهلع ، واختلال الأمن في كثير من بلاد الله .
ولو أن الناس عملوا بما جاء عن الله – جل وعلا – وعن رسوله – صلى الله عليه وسلم – وحرصوا على الأخذ بأوفر حظ يقربهم إلى الله – جل وعلا – ومرضاته لَنَجَوْا من هذه الفتن ، فنحن في زمننا هذا منذ خمسين سنة – أو يزيد قليلا – تشيع أمور كثيرة يبعثها دعاة ضلال ، وإن ظنوا أنهم دعاة إصلاح ، يَنْعِقُون في كل مكان ، ويقولون كما يقول الشيطان هلم إلينا ، والشيطان يقول عند الحساب وهَلَكة الهالكين ﴿ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ﴾ [سورة إبراهيم : الآية 22] ثم يقول ﴿ فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ﴾ [سورة إبراهيم : الآية 22] .
فدعاة الفساد من أعظم أسباب الخراب ، فالنبي – صلى الله عليه وسلم – لم يقل : إذا رأيتم اعوجاجا في الوالي ، وظهر ذلكم فقوموه . بل قال : « أدُّوا إليهم حقهم، واسألوا الله حقكم » ( 1) . ولم يكن ذلك منه – صلوات الله وسلامه عليه – لتربية الناس على الذلة والخضوع والاستخذاء والخنوع ، وإنما لتربيتهم على الاجتماع ، وعدم الفرقة ، لما في حصول ذلك من الشر والبلاء العظيم ، والشواهد في هذا الزمن في كثير من أقطار المسلمين ماثلة ، تُشَاهَد وتُقرأ أخبارها فيما يُبَثّ هنا وهناك في الصحافة والمجلات ، وما يُبَث في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية ، وكل ذلك إنما نتج بسبب مخالفة مراد الله ، ومراد رسوله – صلى الله عليه وسلم – .

ولو استقام الناس لأمر الله – عز وجل – لانصلح حالهم ، فقد قال الله – جل وعلا – ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا ﴾ [سورة الجن : الآية 16] .
وبلادنا في هذه المملكة حفظت بحمد الله – عز وجل – وهذا من فضل الله علينا ، ثم من بركة هذه العقيدة الصافية ، والبقاء على تحكيم الشريعة ، ومع ذلك نخشى إن لم يكن بيننا تعاون في أداء الأعمال الصالحة ، والحث عليها ، والأخذ بأسباب بقائها ، والأخذ على أيدي السفهاء ، أن يحل بنا ما نزل بغيرنا من بلاء .
كثرة الخبث تهلك الأمم
وقد ذكر النبي – صلى الله عليه وسلم – أن العذاب إذا نزل يعم من يستحقه ، ومن لا يستحقه ، فعن زينب بنت جحش – رضي الله عنها – أنها قالت : استيقظ النبي – صلى الله عليه وسلم – من النوم مُحْمرًّا وجهه يقول : « لا إله إلا الله ، ويل للعرب من شر قد اقترب ، فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه » . وعقد سفيان تسعين ( 2) أو مائة . قيل : أَنَهْلِك وفينا الصالحون ؟ قال : « نعم إذا كثر الخبث » (3 ) . أي أن كثرة الخبث يُهلك الجميع ، ثم يبعثون على نياتهم .
وفي هذا الزمن انتشرت وسائل الإفساد ، من صحافة وإذاعات وقنوات عرض ، ما بين عرض فساد ودعوة له ، وبين تهييج وإثارة غرائز ، فيحتاج الناس أن يعتصموا بحبل الله جميعا ، وأن يراجعوا أنفسهم ، ففي الكتاب والسنة المنجاة من كل هلكة ، والدلالة على كل خير ، والتحذير من كل بلاء وشر وفتنة ، وإنما يقع الناس في المحظور بالغفلة ، أو بمجاراة دعاة الفساد والضلال ، وما أكثرهم .
قال أبو زيد : عمرو بن أخْطبَ – رضي الله عنه – : صلى بنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الفجر ، وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر ، فنزل فصلى ، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر ، ثم نزل فصلى ، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمس ، فأخبرنا بما كان ، وبما هو كائن ، فأعلمُنا أحفظنا ( 4) .

وكان من جملة ما أخبرهم به النبي – صلى الله عليه وسلم – في هذا المقام ما يقع من الفتن ، لكن حكمة الله الباهرة اقتضت ألا يحفظ جميع الحاضرين ذلك ، فإن الناس متفاوتون في درجات حفظهم ، وحسن عرضهم ، ودقة نقلهم .
وقد وقع في بلادنا هذه شيء مما أصاب بعض البلدان من الفتن ، وخرج بعض جماعات شاذة منحرفة ، ترفع راية الفتنة ، وتزعم أنها تدعو إلى الحق ، وهذا حال كثير من دعاة الباطل ، فهم يُلبسون الباطل ثوب الحق ، فيُخدع بذلك على ضعاف العقول ، ومن أمثال هؤلاء الخوارج الذين خرجوا على عليّ – رضي الله عنه – وقاتلوه ، وما خرجوا عليه لأنهم كفار ، إنما زعموا أن ذلك منهم غيرة على الإسلام .
والذين قتلوا عثمان – رضي الله عنه – لم يخرجوا عليه ويقتلوه من أجل كراهيتهم للإسلام ، وإنما ظنوا أن ذلك من باب الغيرة على الدين ، والحفاظ عليه .
حسن النية وحده لا يكفي
إذن فمجرد إدعاء أن ما يقوم به المرء غيرة على الدين لا يكفي لأن يكون ذلك العمل عملا صالحا ناصعا نقيا ، وإنما على الناس أن يعرضوا كل فكرة ، أو دعوة على كتاب الله – تعالى – وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – وأن يرجعوا في ذلك إلى أهل العلم الراسخين ، فإن الحق عليه نور ، وله ضياء ، والدعوات المغرضة ، والدعايات الضالة عليها قتام وظُلمة ، ولكن ليس كل شخص يستطيع أن يرى ظلامها ، ويميز ما يحوطها من قتم وغبرة ، فهو يحتاج إلى صفاء إيمان ، وصدق مراجعة الدين ، وتعظيم ما جاء عن الله – جل وعلا – وعن نبيه – صلى الله عليه وسلم – .
وعن أبي ذر – رضي الله عنه – قال : قال لي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : « كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها ، أو يميتون الصلاة عن وقتها » . قال : قلت فما تأمرني ؟ قال : « صل الصلاة لوقتها ، فإن أدركتها معهم فَصَلِّ ، فإنها لك نافلة » ( 5) . قال النووي – رحمه الله – (6 ) : ومعناه صلوا في أول الوقت يسقط عنكم الفرض ، ثم صلوا معهم متى صلوا لتُحرزوا فضيلة أول الوقت ، وفضيلة الجماعة ، ولئلا تقع فتنة بسبب التخلف عن الصلاة مع الإمام ، وتختلف كلمة المسلمين .

فانظر إلى قول النبي – صلى الله عليه وسلم – حيث لم يقل له : لا تُصَلِّ خلفهم . بل أمره أن يصلي الصلاة في وقتها ، ثم يصلي معهم ، حتى لا تكون فتنة ، ويحصل بلاء وشر عظيم .
الاختلاف والفرقة من أعظم أسباب زوال الأمم
فما تصدعت الدولة الإسلامية في صدر الإسلام إلا بسبب اختلال الاعتصام بحبل الله – جل وعلا – كما أن المذلة التي تعيش فيها الأمة الإسلامية الآن ما حصلت إلا بسبب ذلك ، فإن النبي – عليه الصلاة والسلام – يقول : « إذا تبايعتم بالعِينَة ( 7) ، وأخذتم أذناب البقر ، ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد ، سلَّط الله عليكم ذُلا ، لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم » (8 ) . فمراجعة كل ما أشكل علينا على كتاب الله – تعالى – وسنة نبيه – صلى الله عليه وسلم – واجب شرعي .
ولنحذر هؤلاء الذين يتبعون المتشابه ، والذين تربوا على موائد الغرب ، فتسمّموا بأفكاره الإلحادية الباطلة ، فهؤلاء جميعا أشد فتكا في الأمة ، لأنهم يزينون للناس الباطل بحِيَل وأساليب تروج على البسطاء ، وعلى الذين ليس لهم حظ من العلم الشرعي ، فعلينا أن نعرض ما يشكل علينا على أهل العلم الراسخين الذين ساروا على نهج الصحابة – رضي الله عنهم – والتابعين لهم بإحسان .
فهذه الفئات عندما ظهرت في الأمة كان أبرز دور يقومون به هو الإكثار من ذكر مساوئ ولاة أمور المسلمين ، والحط من شأنهم ، ودعوة الناس إلى الخروج عليهم ، فخربوا الأوطان ، وانتهكت الحرمات ، وضاع الأمن والأمان ، والله المستعان .
على كل إنسان أن يحرص على إصلاح نفسه ، وإذا خطرت له خاطرة ، أو لاحت له فكرة ، وظن أن الولاة قد أخطئوا ، فليعرض فكره على أهل العلم الراسخين ، الذين يكثر رجوعهم للكتاب والسنة ، وتكثر مراجعتهم لأصول هذا الدين .

“حسبُ امرئٍ مسلم لله أن يبلغَه قول رسولِ الله صلى الله عليه و سلم:” لا تسبُّوا أصحابي ! لا تسبُّوا أصحابي ! فو الذي نفسي بيده لو أنَّ أحدَكم أنفقَ مثل أحُد ذهبًا ما أدركَ مُدّ (1) أحدِهم و لا نصيفه ! “، حتى يخشعَ لربِّ العالمين، و يسمعَ لنبيِّ الله و يُطيعُ، فكيف غَرْب(2) لسانه و ضراوةِ فكرِه عن أصحابِ محمّد صلى الله عليه وسلم، ثم يعلم علماً لا يشوبُه شكٌّ و لا ريبةٌ، أنْ لا سبيلَ لأحدٍ من أهل الأرض، ماضيهِم و حاضرِهم، أن يلحقَ أقلَّ أصحابِه درجةً، مهما جهد في عبادتِه، و مهما تورّعَ في دينِه، و مهما أخلص قلبه من خواطر السوء في سرّه و علانيته. و من أين يشكُّ و كيف يطمعُ، و رسول الله لا ينطِقُ عن هوىً، و لا يُداهنُ في دين، و لا يأمرُ الناسَ بما يعلم أنّ الحقَّ على خلافِه، و لا يُحدّثُ بخيرٍ، و لا ينعتُ أحداً بصفة، إلا بما علمه ربُّه و بما نبأه؟ و ربّه الذي يقول له و لأصحابه:” و الذي جاءَ بالصِّدق و صَدّقَ به أولئِكَ هم المتَّقُون-33- لهم ما يَشاءونَ عند ربِّهِم ذلك جَزاءُ المُحسنين-34- لِيُكَفِّرَ اللهُ عنهم أسوأَ الذي عمِلُوا و يجزِيَهم أجرَهُم بأحسنِ الذي كانوا يعمَلُون”- الزمر.
ثم يُبين صلى الله عليه وسلم عن كتابِ ربّه فيقول: “خيرُ الناس قرني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قومٌ تسبق شهادة أحدهم يمينه، و يمينه شهادته”. ثم يزيدُ الأمرَ بياناً صلى الله عليه وسلم، فيدلّ المؤمنين على المنزلة التي أنزلَها اللهُ أصحابَ محمد رسول الله، فيقول: “يأتي على الناس زمانٌ، فيغزو فِئَامٌ(3) من الناس فقولون: فيكم مَن صاحبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: نعم! فيُفتح لهم. ثم يأتي على الناس زمانٌ فيغزو فئامٌ من الناس فيُقال:هل فيكم من صاحبَ أصحابَ رسول الله ؟ فيقولون : نعم! فيُفتح لهم ، ثم يأتي على الناس زمان ، فيغزوا فئام من الناس ، فيقال : هل فيكم من صاحبَ من صاحبَ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون : نعم! فيُفتَح لهم.” فإذا كان هذا مبلغ صحبة رسول الله، فأيّ مسلم يطيق بعد هذا أن يبسطَ لسانَه في أحدٍ من صحابة محمد رسول الله ؟ و بأيّ لسانٍ يعتذر يوم يخاصِمونَه بين يدي ربهم؟ و ما يقول وقد قامت عليه الحجة من كتاب الله ومن خبر نبيه ؟! و أين يفرّ امرؤٌ من عذاب ربه ؟! وليس معنى هذا أنّ أصحابَ محمد رسول الله معصومون عصمة الأنبياء، و لا أنهم لم يُخْطِئوا قط ولم يُسيئوا، فهم لم يدّعوا هذا، وليس يدّعيه أحدٌ لهم، فهم يخطئون و يصيبون ، ولكنّ الله فضّلهم بصحبةِ رسوله، فتأدّبُوا بما أدّبهم به، وحرصوا على أن يأتوا من الحق ما استطاعوا، وذلك حَسْبُهُم، و هو الذي أمِروا به، وكانوا بعدُ توّابين أوابين كما وصفهم في محكم كتابه. فإذا أخطأَ أحدُهم، فليس يحل لهم، و لا لأحدٍ من بعدهم، أن يجعلَ الخطأَ ذريعةً إلى سبِّهم والطّعن عليهم. هذا مجمل ما أدّبنا به اللهُ و رسولُه. بَيْدَ أنّ هذا المجمل أصبح مجهولاً مطروحًا عند أكثر من يتصدّى لكتابة تاريخ الإسلام من أهل زماننا ، فإذا قرأَ أحدُهم شيئًا فيه مطعنٌ على رجلٍ من أصحاب رسول الله سارع إلى التوغل في الطعن والسب، بلا تقوى ولا ورع. كلا، بل تراهم ينسوْن كلَّ ما تقضي به الفطرة من التثبّت من الأخبار المروية، على كثرة ما يحيط بها من الريب والشكوك، ومن العِلل الدافعة إلى وضعِ الأحاديث المكذوبة على هؤلاء الصحابة.

ولن أضرب المثل بما يكتبُه المستشرقون ومن لفّ لفّهم فهم كما نعلم. ولا بأهل الزيغ والضلال والضغينة على أهل الإسلام،كصاحب كتاب الفتنة الكبرى(4) وأشباهه من المؤلّفين. بل سآتيك بالمثل من كلام بعض المتحمِّسين(5) لدينِ ربهم ، المعلنين بالذب عنه والجهاد في سبيله. لتعلمَ أنّ أخلاقَ المسلم هي الأصل في تفكيره وفي مناهجه وفي علمه ، وأن سمةَ الحضارة الوثنية الأوروبية، تنفجر أحيانا في قلب من لم يحذر ولم يتق، بكل ضغائنِ القرن العشرين، و بأسوأ سخائم هذه الحضارة المتعدّية لحدود الله التي كتب على عباده – مسلمهم وكفارهم – أن لا يتعداها. أربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم:أبو سفيان بن حرب، ومعاوية بن أبي سفيان ، وعمرو بن العاص، و هند بنت عتبة بن ربيعة-أم معاوية. رضي الله عنهم كيف يتكلّم أحدُ الناس عنهم ؟.
1- “فلما جاء معاوية، وصَيَّرَ الخلافة الإسلامية ملكاً عضوضاً؛ في بني أمية؛ لم يكن ذلك من وحي الإسلام، إنما من وَحْي الجاهلية” ولم يكتفِ بهذا بل شملَ بني
أميّة جميعاً فقال:” فأمية بصفة عامة لم يعمر الإيمانُ قلوبَها ، وما كان الإسلام لها إلا رداء تخلعه وتلبَسُه حسب المصالح والملابسات”.
2- ثم يذكر يزيد بن معاوية بأسوأ الذّكر، ثم يقول: “و هذا هو “الخليفة” الذي يفرضُه معاوية على الناس، مدفوعًا إلى ذلك بدافع لا يعرفه الإسلام، دافع العصبية العائلية القبلية. وما هي بكثيرة على معاوية ولا بغريبة عليه. فمعاوية هو ابنُ أبي سفيان، وابنُ هند بنت عتبة، و هو وريث قومِهم جميعا و أشبهُ شيءٍ بهم في بُعدِ روحه عن حقيقة الإسلام. فلا يأخذ أحدٌ الإسلامَ بمعاوية أو بني أمية؛ فهو منه و منهم برئ “.
3- ” ولسنا نُنكِر على معاوية في سياسة الحكم ابتداعَه نظام الوراثة وقهر الناس عليها فحسب، إنما ننكر عليه أولاً وقبل كل شئ إقصاءَه العنصر الأخلاقي في صراعه مع
علي، و في سيرتِه في الحكم بعد ذلك، إقصاءه كاملاً لأول مرة في تاريخ الإسلام …فكانت جريمة معاوية الأولى، التي حطّمَتْ روحَ الإسلام في أوائل عهدِه هي نفي العنصر الأخلاقي من سياسته نفياً باتّاً. ومما ضاعفَ الجريمة أنّ هذه الكارثة باكرت الإسلامَ ولم تنقض إلا ثلاثون سنة على سُنَنِه الرفيعة… و لكي نُدرك عمقَ هذه الحقيقة يجب أن نستعرِضَ صُوَرًا من سياسة الحكم في العهود المختلفة على أيدي أبي بكر و عمر، و على أيدي عثمان و مروان…ثم على أيدي الملوك من أمية…ومن بعدهم من بني العباس، بعد أن خُنقت روحُ الإسلام خنقا على أيدي معاوية وبني أبيه”.

4 ” و مضى عليٌّ رضي الله عنه إلى رحمة ربه، و جاءَ معاوية ابن هند وابن أبي سفيان !” (وأنا أستغفر الله من نقل هذا الكلام ، بمثل هذه العبارة النابية، فإنه أبشع ما رأيتُه) ثم يقول: ” فلئنْ كان إيمان عثمان وورعُه ورقّته، كانت تقف حاجزاً أمام أميّة.. لقد انهار هذا الحاجز، و انساح ذلك السّدّ ، و ارتدت أمية طليقةً حرّة إلى وراثاتها في الجاهلية والإسلام. وجاء معاوية، تُعاونه العصبةُ التي على شاكلتِه، و على رأسِها عمرو بن العاص. قومٌ تجمعُهم المطامعُ والمآرب، و تدفعُهم المطامِحُ والرغائب، و لا يُمسِكُهم خُلُق ولا دين ولا ضمير” (و أنا أستغفر الله وأبرأ إليه). ثمّ قالَ: “و لا حاجة بنا للحديث عن معاوية؛ فنحن لا نؤرّخ له هنا، وبحسبنا تصرّفه في توريث يزيد الملك، لِنعلمَ أيّ رجل هو. ثم بحسبنا سيرة يزيد لنقدّر أيّة جريمة كانت تعيش في أسلاخ أمية على الإسلام والمسلمين”.
5- ثم ينقل خطبةً يزعم أنها لمعاوية في أهل الكوفة بعد الصّلح يجئ فيها قول معاوية:” وكلّ شرطٍ شرطتُه، فتحت قدميّ هاتين “، ثم يعقّب عليه مستدركا: “و الله تعالى يقول: “وأوفُوا بالعهدِ إنّ العهدَ كان مسئولاً”. والله يقول:” و إن استنصَرُوكم في الدّين فعليكم النّصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق”. فيؤثر الوفاء بالميثاق للمشركين المعاهدين، على نصرة المسلمين لإخوانهم في الدين. أما معاوية؛ فيخيس بعهدِه للمسلمين، و يجهر بهذه الكبيرة جهرة المتبجِّحِين !.. إنه من أمية، التي أبت نحيزتها أن تدخل في حلف الفضول ! “.
6- ثم يذكر خطبةً أخرى لمعاوية في أهل المدينة: ” أما بعد ؛ فإني و الله ما وليتُها بمحبةٍ علمتُها منكم ” ثم يعلق عليها فيقول:” أجل ، ما وليها بمحبة منهم . و إنه ليعلم
أن الخلافة بيعة الرضى في دين الإسلام. و لكن ما لمعاوية وهذا الإسلام.. وهو ابنُ هند و ابن أبي سفيان !” .
7- ” وأما معاوية بعد علي، فقد سارَ في سياسة المال سيرته التي ينتفي منها العنصر الأخلاقي ، فجعله للرُّشى و اللهى وشراء الأمم في البيعة ليزيد، و ما أشبه هذه الأغراض، بجانب مطالب الدولة والأجناد والفتوح بطبيعة الحال “.

8- ثم قال شاملا لبني أمية : “هذا هو الإسلام، على الرغم مما اعترضَ خطواته العملية الأولى، من غلبة أسرة لم تعمرْ روحُ الإسلام نفوسَها. فآمنَتْ على حرف حين غلب الإسلام، وظلت تحلم بالملك الموروث العضوض حتىنالته، فسارت بالأمر سيرةً لا يعرفها الإسلام .”
هذا ما جاء في ذكر معاوية، و ما أضفى الكاتبُ من ذيوله على بني أمية، و على عمرو بن العاص. وأما ما جاء عن أبي سفيان بن حرب ؛ فانظر ماذا يقول :
9- ” أبو سفيان هو ذلك الرجل الذي لقي الإسلام منه والمسلمون ما حفلت به صفحاتُ التاريخ ، والذي لم يُسْلِمْ إلا وقد تقرّرت غلبةُ الإسلام. فهو إسلام الشفة واللسان ، و لا إيمان القلب والوجدان. وما نفذ الإسلام إلى قلب ذلك الرجل قطّ؛ فلقد ظل يتمنى هزيمة المسلمين ويستبشر لها في يوم حنين ، وفي قتال المسلمين والروم فيما بعد ، بينما يتظاهر بالإسلام. ولقد ظلّت العصبية الجاهلية تسيطر على فؤاده …وقد كان أبو سفيان يحقد على الإسلام والمسلمين ، فما تعرض فرصة للفتنة إلا انتهزها “.
10- “ولقد كان أبو سفيان يحلمُ بملك وراثي في بني أمية منذ تولي الخلافة عثمان؛ فهو يقول:” يا بني أمية …تلقفوها تلقف الكرة؛ فو الذي يحلف به أبو سفيان ؛ ما زلت أرجوها لكم ، ولتصيرنَّ إلى صبيانكم وراثة !”. وما كان يتصوّر حكمَ المسلمين إلا ملكًا حتى في أيام محمد،( وأظنُّ أنا أنه من الأدب أن أقول: صلى الله عليه وسلم) ؛ فقد وقفَ ينظر إلى جيوش الإسلام يوم فتح مكة، ويقول للعباس بن عبد المطلب:” والله يا أبا الفضل ؛ لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيما”. “فلما قال له العباس:إنها النبوة! قال: “نعم إذن! …

” نعم إذن! و إنها لكلمةٌ يسمعها بأذنه فلا يفقهها قلبُه؛ فما كان مثل هذا القلب ليفقَهَ إلا معنى الملك والسلطان “.
ثم يقول عن هند بنت عتبة أم معاوية :
11- ” ذلك أبو معاوية. فأمّا أمّه هند بنت عتبة؛ فهي تلك التي وقفَتْ يومَ أحد تلغ في الدم، إذ تنهش كبد حمزة كاللبؤة المتوحشة ، لا يشفع لها في هذه الفعلة الشنيعة حق الثأر على حمزة ؛ فقد كان قد مات. وهي التي وقفت بعد إسلام زوجها كرهًا بعد إذْ تقرّرت غلبةُ الإسلام تصيح:” اقتلوا الخبيثَ الدنس الذي لا خير فيه. قُبِّح من طليعة قوم! هلا قاتلتم ودفعتم عن أنفسكم وبلادكم ؟” .
هؤلاء أربعةٌ من أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يذكُرُهم كاتبٌ مسلم بمثلِ هذه العبارات الغربية النابية! بل زاد، فلم يعصم كثرةَ بني أمية من قلمه، فطرح عليهم كلَّ ما استطاع من صفاتٍ تجعلهم جملة واحدة برآءً من دين الله ، ينافقون في إسلامهم، و ينفون من حياتهم كل عنصر أخلاقي ! كما سمّاه.. و أنا لن أناقش الآن هذا المنهجَ التاريخي ، فإنّ كلّ مُدّعٍ يستطيع أن يقول:هذا منهجي، و هذه دراستي. بل غاية ما أنا فاعل أنْ أنظُرَ كيف كان أهل هذا الدين ينظرون إلى هؤلاء الأربعة بأعيانهم، وكيف كانوا – هؤلاء الأربعة – عند من عاصرهم ومن جاءَ بعدهم من أئمة المسلمين وعلمائهم. وأيضا فإني لن أحقّقَ في هذه الكلمة فسادَ ما بُني عليه الحكم التاريخي العجيبُ، الذي استحدثه لنا هذا الكاتب، بل أدعه إلى حينه .
-فمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أسلمَ عام القضية، ولقِيَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مُسْلمًا، وكَتَم إسلامَه من أبيه وأمه. و لما جاءتِ الرِّدة الكبرى، خرجَ معاوية في هذه القِلّة المؤمنة التي قاتلت المرتدين، فلما استقر أمرُ الإسلام وسيّرَ أبو بكر الجيوشَ إلى الشام، سار معاوية مع أخيه يزيد بن أبي سفيان رضي الله عنه. فلما ماتَ يزيد في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال لأبي سفيان رضي الله عنه: أحسنَ اللهُ عزاءَك في يزيد. فقال أبو سفيان:من وليت مكانه ؟ قال : أخاه معاوية. قال: وصلتك رحم يا أمير المؤمنين. و بقي معاوية واليًا لعمر على عمل دمشق. ثم ولاه عثمان الشامَ كلها، حتى جاءت فتنةُ مقتل عثمان، فولى معاوية دمَ عثمان لقرابته، ثم كان بينه و بين علي ما كان.


ويروى البخاري: (5/28) أنّ معاوية أوترَ بعد العشاء بركعة، وعنده مولى لابن عباس ، فأتى ابنَ عباس، فقال : دعه ؛ فإنّه صَحِبَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم.و قال في خبرٍ آخر: هل لكَ في أمير المؤمنين معاوية ؛ فإنه أوتر بواحدة ؟ فقال ابنُ عباس: إنه فقيه . و روى أحمد في ” مسنده ” (4/102) عن مجاهد وعطاء عن ابن عباس : أن معاوية أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قصّرَ شعرَه بمشقص(6). فقلتُ لابن عباس: “ما بلغنا هذا الأمر إلا عن معاوية” ! فقال: “ما كان معاوية على رسول الله صلى الله عليه وسلم متهماً”. وعن أبي الدرداء : “ما رأيتُ أحداً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبهَ صلاةٍ برسول الله صلى الله عليه وسلم من أميركم هذا ( يعني معاوية ). “مجمع الزوائد “( 9/357 ). وروى أحمد في ” مسنده “( 4/101) عن أبي أمية عمرو بن يحيى بن سعيد عن جده : أنّ معاوية أخذَ الإداوة ( إناء من جلد صغير كالقربة) بعد أبي هريرة يتّبعُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بها و اشتكى أبو هريرة، فبينا هو يوضئ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم،رفع رأسَه إليه مرة أو مرتين، فقال:” يا معاوية ! إنْ وليتَ أمراً ؛ فاتّقِ اللهَ عز وجل و اعدِلْ “.قال معاوية : “فما زلتُ أظنّ أني مبتلى بعملٍ لقول النبي صلى الله عليه وسلم حتى ابتليتُ .” وروى أحمد في ” مسندِه ” ( 4/127 ) عن العرباضِ بن سارية السلمى ؛ قال : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يدعونا إلى السحور في شهر رمضان : ” هلموا إلى الغداء المبارك! ثم سمعتُه يقول :”اللهم علِّمْ معاوية الكتابَ والحسابَ ، و قِهِ العذابَ “. و روى أحمد في “مسنده “( 4/216 ) عن عبد الرحمن بن أبي عميرة عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه ذكرَ معاوية فقال: ” اللهم ! اجعله هادياً مهدياً ، واهد به “.

هذا بعض ما قيل في معاوية رضي الله عنه، و في دينِه و إسلامِه . فإن كان هذا الكاتب قد عرفَ و استيقَنَ أنّ الروايات المتلقفة من أطراف الكُتب تنقض هذا نقضاً حتى يقول:إنّ الإسلام برئٌ منه، فهو و ما عرف. و إنْ كان يعلم أنه أحسَنُ نظرًا ومعرفةً بقريش من أبي بكر حين ولىّ يزيدَ بن أبي سفيان، وهو من بني أمية، و أنفذُ بصرًا من عمر حين ولىّ معاوية. فهو وما عَلِمَ !! و إنْ كان يعلم أنّ معاوية لم يقاتِل في حروبِ الرِّدة إلا و هو يضمِرُ النّفاقَ و الغدر، فله ما علم !! و إنْ كان يرى ما هو أعظمُ من ذلك؛ أنّه أعرفُ بصحابة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم من رسولِ الله الذي كان يأتيه الخبرَ من السّماء بأسماءِ المنافقين بأعيانهم؛ فذلك ما أعيذُه منه أن يعتقدَه أو يقوله. و لكن لينظرْ فرقَ ما بين كلامه وكلام أصحاب رسول الله عن رجل آخر من أصحابه، ثم ليقطَعْ بنفسِه ما شاءَ من رحمة الله أو من عذابه. و لينظرْ أيّهما أقوى برهانا في الرواية، هذا الذي حدّثنا به أئمةُ دينِنا ، أم ما انضمّت عليه دفتا كتاب من عُرْض كتب التاريخ، كما يزعمون. و لينظُرْ لنفسِه حتى يرجحَ روايةً على روايةٍ، و حديثًا على حديث، وخبراً على خبر، و ليعلمْ أنّ الله تعالى أدّبَ المسلمين أدباً لم يزالوا عليه مذ كانت لدينِ الله الغلبة، حتى ضربَ اللهُ على أهل الإسلام الذّلة بمعاصيهم وخروجِهم عن حدّ دينهم و اتّباعهم الأمم في أخلاقها و في فكرها و في تصوّرها للحياة الإنسانية .يقول ربنا سبحانه وتعالى :” يا أيها الذين آمنوا إنْ جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبيّنُوا أنْ تُصيبُوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمِين “. ويقول تعالى :” يا أيها الذين آمنُوا اجتَنِبُوا كثيراً من الظّنِّ إنَّ بعضَ الظّنِ إثم” .و يقول تعالى :”ولا تَقْفُ ما ليس لك به علم، إنّ السمعَ و البصرَ والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسئولاً ” .

و لينظرْ أنىّ له أن يعرفَ أنّ معاوية كان يعمل بوحي الجاهلية لا الإسلام، وأنه بعيدُ الروح عن حقيقة الإسلام، و أنّ الإسلامَ لم يعمُرْ قلبَه، و أنه خَنَقَ روحَ الإسلام هو و بنو أبيه، و أنه هو وعمرو بن العاص ومن على شاكلتهم لا يُمْسِكُهم خلقٌ و لا دينٌ و لا ضمير، وأنّ في أسلاخ معاوية و بني أمية جريمة أيّ جريمة على الإسلام والمسلمين، وأنه يخيس بالعَهد و يجهَر بالكبيرة جهرةَ المتبجِّحِين، و أنّه ما لمعاوية وهذا الإسلام؟ و أنّه ينفي العنصرَ الأخلاقي من سِيرته، و يجعل مالَ الله للرشى واللهي وشراء الذمم، وأنه هو و بنو أمية آمنوا على حرف حين غلبَ الإسلامُ .
-أما أبو سفيان رضي الله عنه؛ فقد أسلمَ ليلة الفتح ، وأعطاه رسولُ الله من غنائمَ حنين كما أعطى سائر المؤلفة قلوبهم ، فقال له: “و الله ؛ إنكَ لكريمٌ فداكَ أبي وأمي، والله ؛ لقد حاربتُكَ فلنعمَ المحاربُ كنتَ، ولقد سالمتُكَ فلنعم المسالمُ أنتَ ، جزاك الله خيراً. ” ثم شاهدَ الطائفَ مع رسول الله، وفُقئت عينه في القتال. ولاّه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم نجران ،

و رسولُ الله لا يولِّي منافقاً على المسلمين. و شهِد اليرموك، وكان هو الذي يحرض الناسَ ويحثّهم على القتال. و قد ذكر الكاتبُ في ما استدل به على إبطان أبي سفيان النّفاق و الكفر أنّه كان يستبشر بهزيمةِ المسلمين في يوم حنين، و في قتال المسلمين والروم فيما بعد، وهذا باطلٌ مكذوب. وسأذكر بعد تفصيل ذلك . أما قول أبي سفيان للعباس:” لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيماً “. قال العباس: إنها النبوة ! فقال أبو سفيان : فنعم إذن. فهذا خبرٌ طويل في فتح مكة، قبل إسلامه ، وكانت هذه الكلمة “نعم إذن ” أوّلَ إيذانٍ باستجابتِه لداعي الله، فأسلم رضي الله عنه، وليست كما أولها الكاتب:” نعم إذن. و إنها كلمةٌ يسمعها بأذنه فلا يفقهها قلبه، فما كان مثل هذا القلب ليفقه إلا معنى الملك والسلطان “!!، إلا أن يكون الله كشفَ له ما لم يكشِف للعباس و لا لأبى بكر و لا لعمر، و لا لأصحابِ رسول الله من المهاجرين والأنصار، و أعوذُ بالله مِنْ أنْ أقولَ ما لم يُكشَف لرسول الله ونبيِّه صلى الله عليه وسلم.

وعن ابن عباس: أنّ أبا سفيان قال: يا رسول الله ثلاثاً أعطنيهِن.قال: “نعم” . قال : تؤمرني حتى أقاتل الكفارَ كما قاتلتُ المسلمين. قال:” نعم “. قال: ومعاوية تجعله كاتباً بين يديك. قال: ” نعم” . وذكرَ الثالثةَ ، هو أنّه أرادَ أن يُزوِّجَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بابنتِه الأخرى عزّة بنت أبي سفيان و استعان على ذلك بأختِها أم حبيبة، فقال: ” إنّ ذلك لا يحل لي “.
-و أمّا هند بنت عتبة أم معاوية رضي الله عنهما ؛ فقد روي عن عبد الله ابن الزبير ( ابن سعد : 8/171 ) قال: لما كان يوم الفتح ؛ أسلمَتْ هند بنت عتبة و نساء معها، و أتين رسولَ الله وهو بالأبطح، فبايَعْنَه، فتكلّمتْ هند ، فقالت: يا رسول الله ! الحمد لله الذي أظهرَ الدين الذي اختارَه لنفسه. لتنفعني رحمُك يا محمد ! إني امرأةٌ مؤمنة بالله مصدّقة برسولِه.
ثم كشفتْ عن نقابِها. وقالت: أنا هند بنت عتبة. فقال رسولُ الله :مرحباً بكِ “.فقالت : و الله ؛ ما كان على الأرض أهل خباء أحبّ إليّ من أن يذلُّوا من خبائك، ولقد أصبحتُ و ما على الأرض أهل خباء أحبّ إليّ من يعزّوا من خبائك. فقال رسول الله: وزيادة … قال محمد بن عمر الواقدي:لما أسلمتْ هند ؛ جعلتْ تضربُ صنماً في بيتِها بالقدوم ، حتى فلذته فلذة ، و هي تقول: كنا منكَ في غرور. و روى البخاري هذا الخبرَ عن أمّ المؤمنين عائشة ( 5/40 ).

ثم كشفتْ عن نقابِها. وقالت: أنا هند بنت عتبة. فقال رسولُ الله :مرحباً بكِ “.فقالت : و الله ؛ ما كان على الأرض أهل خباء أحبّ إليّ من أن يذلُّوا من خبائك، ولقد أصبحتُ و ما على الأرض أهل خباء أحبّ إليّ من يعزّوا من خبائك. فقال رسول الله: وزيادة … قال محمد بن عمر الواقدي:لما أسلمتْ هند ؛ جعلتْ تضربُ صنماً في بيتِها بالقدوم ، حتى فلذته فلذة ، و هي تقول: كنا منكَ في غرور. و روى البخاري هذا الخبرَ عن أمّ المؤمنين عائشة ( 5/40 ).
فهل يعلم عالمٌ أنّ إسلامَ أبي سفيان و هند كان نفاقًا وكذبًا وضغينة ؟ لا أدري. ولكن أئمّتنا من أهلِ هذا الدين لم يطعَنُوا فيهم، و ارتضاهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، و ارتضى إسلامَهم. و أمّا ما كان من شأنِ الجاهلية ؛ فقلّ رجلٌ وامرأةٌ من المسلمين لم يكنْ له في جاهليته مثل ما فعلَ أبو سفيان أو شبيهٌ بما يُروى عن هند إنْ صحّ.
-و أما عمرو بن العاص، فقد أسلمَ عام خير قدم مهاجرا إلى الله ورسوله، ثم أمّره رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرية إلى ذات السلاسل يدعو بليّا إلى الإسلام،ثم استعمله رسولُ الله على عمان، فلم يزل والياً عليها إلى أن تُوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم أقرّه عليها أبو بكر رضي عنه، ثم استعمله عمر. وروى الإمامُ أحمد في “مسنده” (2/327،353،354 ) من حديث أبي هريرة:أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” ابنا العاص مؤمنان “؛ يعني : هشاما وعمرا. و روى الترمذي وأحمد في ” مسنده “(4/155) عن عقبة بن عامر الجهني : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: ” أسلمَ الناسُ وآمنَ عمرُو بن العاص “. وروى أحمد في ” مسنده ” ( 1/161 ) عن طلحة بن عُبيد الله،قال:ألاَ أُخبركم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيءٍ ؟أَلا إني سمعتُه يقول:” عمرو بن العاص من صالحي قريش ، و نعم أهلِ البيت أبو عبد الله، و أمّ عبد الله، و عبد الله “.

فإذا كان جهاد عمرو، وشهادة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتولية رسول الله، ثم أبي بكر ثم عمر ؛ لا تدلّ على شيء من فضلِ عمرو بن العاص، و لا تدلّ على نفي النّفاقِ في دين الله عنه ؛ فلا ندري بعد ما الذي ينفع عمرًا في دنياه وآخرته. ؟! و لستُ أتصدّى هنا لتزييفِ ما كتبه الكاتبُ من جِهة التاريخ، و لا من جهة المنهاج، ولكني أردتُ –كما قُلتُ – أن أُبِّينَ أنّ الأصلَ في دينِنا هو تقوى الله، و تصديق خبر رسول الله، وأنّ أصحابَ محمد صلى الله عليه وسلم ليسوا لعّانين ولا طعانين ولا أهل إفحاش، ولا أصحاب جرأة وتهجّم على غيب الضمائر، وأنّ هذا الذي كانوا عليه أصلٌ لا يمكن الخروج منه؛ لا بحجّة التاريخ، ولا بحجّة النّظر في أعمالِ السابقين للعبرة و اتّقاءِ ما وقعُوا فيه من الخطأ.
ولو صحَّ كلّ ما يُذكَر مما اعتمد عليه الكاتبُ في تمييزِ صفات هؤلاء الأربعة، وصفة بني أمية عامة ؛ لكان طريق أهل الإسلام أن يحملوه على الخطأ في الاجتهاد من الصّحابي المخطئ، ولا يدفعهم داءُ العصر أن يُوغِلوا من أجلِ خبرٍ أو خبرين في نفي الدين والخُلُق و الضمير عن قومٍ هم لقربِ زمانهم وصُحبتهِم لرسول الله صلى الله عليه وسلم أولىَ أهلِ الإسلام بأنْ يعرِفُوا حقَّ الله وحقَّ رسولِه صلى الله عليه وسلم،و أن يعلمُوا من دين الله ما لم يعلمْهُ مجترئٌ عليهم طعّانٌ فيهم.
وأختم كلمتي هذه بقولِ النووي في “شرح مسلم “(16/93) :”اِعلمْ أنّ سبَّ الصحابة رضي الله عنهم حرامٌ من فواحش المحرمات، سواء من لابَس الفِتَنَ منهم وغيره ؛ لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأوّلون. و قال القاضي:سبُّ أحدِهم من المعاصي الكبائر، ومذهبنا مذهب الجمهور أن يُعزَّر ولا يُقتل، و قال بعض المالكية :يقتل “.

و أُسدِي النّصيحَةَ لمن كتبَ هذا و شبهه:أنْ يبرَأَ إلى الله علانية مما كتبَ، و أنْ يتوبَ توبة المؤمنين مما فرط منه، وأنْ يُنَـزه لسانَه و يعصمَ نفسَه و يُطَهِّر قلبَه، وأنْ يدعو بدعاءِ أهل الإيمان:”ربّنا اغفِرْ لنا ولإخوانِنا الذين سبقُونَا بالإيمانِ و لا تجعَلْ في قلوبِنا غِلاً للذين آمَنُوا ربّنَا إنّكَ رءوفٌ رحيم “.
من أجل هذا أقول: إنّ خلق الإسلام، هو أصلُ كلّ منهاجٍ في العلمِ و الفهمِ، سواء كان العلم تاريخاً أو أدباً أو اجتماعاً أو سياسةً. و إلا فنحنُ صائرون إلى الخروج عن هذا الدين، و صائرون إلى تهديم ما بناه أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، و إلى جعلِ تاريخ الإسلام حشداً من الأكاذيب الملفقة، و الأهواء المتناقضة، و العبَث بكل شيءٍ شريف ورثتنا إياه رحمة الله لهم و فتحَ الله عليهم، و رضاه عن أعمالهم الصالحة، و مغفرته لهم ما أساؤا، رضي الله عنهم و غفرَ لهم و أثابهم بما جاهدوا و صبروا، و علِموا و علّموا،. و استغفر اللهَ و أتوبُ إليه.

أزال المؤلف هذا التعليق.

إرسال تعليق

Loading

تابعنا

Twitter Facebook Favorites