حينما ضيعت الحركة الإسلامية الفرص الكثيرة السابقة لم يصبح بإمكانها تشكيل تيار شعبي كبير يتحدى التزوير الانتخابي ويدفع نظام الحكم للتهيب من مواجهة الإسلاميين والحساب معهم في ظل التغيرات العربية الكبيرة كما فعل نظام المخزن في المغرب على سبيل المثال. غير أن ثمة فرصة أخرى لاحت لهم من زاوية غير معهودة متجانسة نظريا مع خط المشاركة والتحالف مع نظام الحكم. من إيجابيات المشاركة الطويلة في الحكومة ( التي لا تقاس مع خطورة السلبيات التي تعاظمت مع الوقت حسب وجهة نظري) أنها أعطت فرصة كبيرة لبعض وزراء الحركة للتميز بإنجازاتهم وحققوا نجاحا واضحا أقر به رئيس الجمهورية نفسه الذي قال في مرة من المرات أنجح الوزراء في الحكومة هم وزراء حماس. ومن بين هؤلاء الوزراء برز عمر غول للرأي العام بشكل قوي لأن حرصه على إنجاز الطريق السريع رآه الملايين من الجزائريين كل يوم وكان من حظه أن المال وفير جدا يصلح لإنجاز طرق سيارة كثيرة وليس طريقا واحدا. كان بإمكان عمر غول أن يتخذ موقفا يدخل به التاريخ ويفتح له باب السلطة مشرعا إن في العاجل أو في الآجل. كان بإمكانه أن يقول لنظام الحكم أنني ملتزم بقرار حركتي بكل لطف وتقدير ثم يأتي لإخوانه يخبرهم بذلك فترتفع أسهمه إلى أعلى ما يمكن أن يتصوره أحد، إذ يضاف لافتخار المناضلين بإنجازه في الطريق السيار الافتخار بانضباطه والتزامه، فيصبح سيدا مطلقا داخل الحركة لا يجاريه أحد، ثم تأتي كل الاستحقاقات التنظيمية والسياسية فيكون فيها في مقدمة الركب حيثما ما أراد الترشح له، وإذا ترشح للانتخابات الرئاسية في 2014 ولو في مواجهة الرئيس بوتفليقة ستلتف حوله الحركة كلها وأحزاب الحركة الإسلامية وأحزاب كثيرة أخرى وجماهير غفيرة تقدر إنجازه، وسيكون عندئذ منافسا قويا يحقق نتيجة باهرة ستضطر النظام للتزوير الفظيع لا شك، ولكن هذا الحراك القوي الذي يكون قد أنشأه يؤهله ليكون زعيما سياسيا قويا لو أراد المقاومة السلمية والاستمرار في معارضة نظام الحكم وسيصل إلى الانتخابات الرئاسية التي تلي انتخابات 2014 حيث ستحدث لا محالة تغييرات جذرية في موازين القوة ( ربما قبل نهاية العهدة) يكون هو من صانعيها ستمكنه وحزبه من الوصول للحكم بتعاطف شعبي كبير وتطبيق برنامج إصلاحي لصالح الشعب وليس لصالح الزمر الحاكمة تماما كما فعل أردوغان الذي حينما تحرر من قبضة محتكري السلطة وواجههم سلميا نجح وأفلح. ولكن هذا لم يقع، وضاعت هذه الفرصة كذلك،. لم يستطع غول التحرر من قبضة السلطة الحاكمة ولم يشأ أن ينضبط بقرارات الحزب الذي صنعه وهيأ له كل الفرص واختار الانشقاق للأسف الشديد فلا هو ربح ولا حزبه الذي ولده ورباه ربح، فانقلبت عليه الآراء رأسا على عقب داخل الحركة وفي قطاعات واسعة من الجمهور الجزائري الذي لا يحب الخيانة، وبدأت ملفات الفساد تفتح عليه ولم يجد تلك الآلاف المنتشرة في كامل التراب الوطني من إخوانه السابقين يدافعون عنه، وبدأ بعض من استفادوا منه ممن ذهبوا معه أو التقى بهم خارج أروقة الحركة يتوجسون ويخافون على مصيرهم خصوصا أولئك الذين استفادوا من صفقات التعاقد من الباطن ! وكم ستكون الخسارة كبيرة حينما يذهب هذا الحلم الكبير تحت أقدام الطموحات الواهمة وفضائح الفساد الماحقة.... سواء كانت بحق أم بباطل أم بينهما. ... ولكن على الأقل ظهرت صدقية فكرة خطورة الاقتراب الشديد من الحكم في الجزائر، مع أننا كنا نتمنى أن نكون خاطئين في رأينا ويتحقق الحلم في هذه الفرصة أو في غيرها مما ذكرناه سابقا. ولكن الله غالب على أمره
عبد الرزاق مقري
0 commentaires:
إرسال تعليق